كشف خبير اقتصادي في شؤون البورصة وشركات التأمين، أن التأمين التعاوني المطبق لدينا حاليا لم يحقق صيغة التأمين التعاوني التي وردت فيه الفتاوى الشرعية، وبالتالي جاءت تطبيقاته أقرب إلى التأمين التجاري منه إلى التأمين التعاوني ومخالفة لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في مادته الأولى التي تنص على عدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
كشف خبير اقتصادي في شؤون البورصة وشركات التأمين، أن التأمين التعاوني المطبق لدينا حاليا لم يحقق صيغة التأمين التعاوني التي وردت فيه الفتاوى الشرعية، وبالتالي جاءت تطبيقاته أقرب إلى التأمين التجاري منه إلى التأمين التعاوني ومخالفة لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في مادته الأولى التي تنص على عدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وبين الدكتور عبد الفتاح محمد صلاح أن مصطلح «التأمين التعاوني» للتعبير أو الدلالة عن «التأمين الإسلامي» مخالف للواقع، وأن الأول ولد من رحم النظام الاقتصادي الغربي, ويعبر عن نوع من أنواع التأمين التقليدي الذي لا يلتزم بأي ضوابط شرعية وفقًا لواقعه الغربي، وإن كان ذا أهداف تعاونية.
      
يرى الدكتور عبد الفتاح محمد صلاح في ورقة علمية قدمها لملتقى التأمين التعاوني الثاني الذي نظمته الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل أخيرا، أن استخدام مصطلح «التأمين التعاوني» للتعبير عن «التأمين الإسلامي» يعتبر من قبيل شغل تفكير الاقتصاديين الإسلاميين في مصطلحات التأمين التقليدي الغربي وأطره العامة ومبادئه الفنية, وتبديد جهودهم في محاولة إيجاد مخارج شرعية لجعل مبادئه الفنية وتطبيقاته متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بدعوى اشتمال المصطلح على معان نبيلة للتعاون، مشيرا إلى أن تمييز نموذج «التأمين الإسلامي» عن غيره من النماذج التقليدية يتطلب من الاقتصاديين الإسلاميين تركيز التفكير وتوحيد الجهود للتأصيل لمصطلح «التأمين التكافلي», على أن يكون إطاره العام واستقلالية تطبيقاته مستمدة من الشريعة الإسلامية.
 
وقال: «إن تطبيقات التأمين التعاوني لم تحقق صيغة التأمين التعاوني التي وردت في الفتاوى الشرعية, وبالتالي جاءت التطبيقات أقرب إلى التأمين التجاري منه إلى التأمين التعاوني, وفوق هذا جاءت مخالفة لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في مادته الأولى التي تنص على عدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية».
      
ولفت الدكتور عبد الفتاح ـ وهو يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي ـ إلى أن التأمين بمعناه الغربي بدأ تعاونيا، ومع التقدم الصناعي وزيادة التبادل التجاري بين الدول لم يستطع تطوير أساليبه ليجاري هذا التطور, فظهر التأمين التجاري ليسد حاجة الناس إلى أنواع متجددة من الأمان. وبمرور الوقت طغى تحقيق الربح على تقديم الخدمة, وتحول إلى استغلال للمستأمنين. فكانت العودة إلى التأمين التعاوني بصورته الحديثة.
 
وأوضح الدكتور عبد الفتاح أن التأمين الإسلامي ليس فيه ربح أو خسارة, وإنما فائض وعجز، فالربح هو الزائد على رأس المال وليس الإيراد أو الغلة. ويعرف مقدار الربح إما بالتنضيض أو التقويم للمشروع بنقد, وما زاد على رأس المال عند التنضيد أو التقويم فهو الربح. والخسارة نقيض الربح, وهي نقص رأس المال. وفي التأمين التجاري العلاقة بين شركة التأمين والمؤمن له معاوضة محضة, حيث تملك الشركة الأقساط المحصلة وتسدد منه التعويضات, وما زاد فهو ربح لها. فإذا زادت التعويضات المسددة عن الأقساط المحصلة تحققت الخسارة. أما في التأمين الإسلامي فليس هناك ربح أو خسارة, وإنما فائض لمصلحة المشتركين, بقيمة ما تبقى من تبرعات في صندوق المشتركين بعد سداد التعويضات, وأجر شركة التأمين مقابل ما قامت به من إدارة صندوق المشتركين. فإذا زادت التعويضات المسددة وأجر شركة التأمين عن التبرعات في صندوق المشتركين ظهر العجز.
      
ونبه الدكتور عبد الفتاح إلى أن التأمين التعاوني يستخدم ذات القواعد الفنية والقانونية والأساليب الحديثة في الإدارة والإحصاء التي تتبعها شركات التأمين التجاري دون تغيير, وذلك فيما يتعلق بطريقة حساب الأقساط وتحصيلها وإعادة التأمين وتسوية المطالبات وسدادها والمشاركة في التحمل. وتابع قائلا: «وسيكون التغيير في عدم استثمار الأموال المجمعة من التبرعات بالربا, وعدم إعادة التأمين في شركات إعادة تجارية إلا للضرورة, وإلغاء الشروط التعسفية والاستغلال من عقود التأمين, وعدم السماح بالاتجار في التأمين بقصد تحقيق الأرباح، لتعود إلى التأمين رسالته الإنسانية المتمثلة في المشاركة بين المستأمنين في تحمل الأخطار».
      
وقدم الخبير الاقتصادي في شؤون البورصة وشركات التأمين عددا من التوصيات المهمة تجاه إيجاد تأمين تعاوني حقيقي، شملت استخدام مصطلح «التأمين التكافلي», لأنه الأصدق في التعبير عن «التأمين الإسلامي», لأنه نابع من شريعتنا وهويتنا الإسلامية .. كما أن تطبيقاته مستمدة من عاداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا, ومجالات تطبيقه أعم وأشمل من أي تأمين في عصرنا الحديث. والتوصية الثانية البدء في أخذ خطوات عملية للتأصيل للتأمين التكافلي, لكونه نقطة البداية نحو تحقيق غاية التكافل الإسلامي بمعناه الشامل, على أن يكون إطاره العام واستقلالية تطبيقاته مستمدة من الشريعة الإسلامية, والاستفادة من الجهود التي بذلت في عملية التحول من التأمين التجاري إلى التأمين التعاوني كمرحلة انتقالية لتحقيق هذه الغاية.
 

 
كما شملت التوصيات الدعوة إلى مزيد من البحث والاجتهاد، لأن تقييم التجربة أثبت أن التأمين التعاوني ما زال أسيرًا من الناحية التطبيقية لأسلوب التأمين التجاري, ما دفع البعض إلى القول إن «أنظمة التأمين ولوائحها التنفيذية ووثائق التأمين المطبقة أقرب إلى التأمين التجاري منها إلى التأمين التعاوني، ما يجعلها غير جائزة شرعا على الأظهر».
      
وذكر الدكتور عبد الفتاح أن هناك الكثير من الإشكاليات العملية المتعلقة بالأنظمة واللوائح التنفيذية والوثائق الاسترشادية الصادرة عن الجهات الرسمية بعد تقييم عملية التحول من التأمين التجاري إلى التأمين التعاوني أن الأنظمة تنص على عدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والتقيد بما ورد في قرار هيئة كبار العلماء، هي: إن العلاقة مباشرة بين المؤمن والمؤمن له, وهيئة المشتركين لا وجود لها أو وجودها صوري، عقد التأمين «الوثيقة» قائمة على المعاوضة ونقل الخطر من المؤمن له إلى المؤمن, ومعنى التعاون في تحمل الأخطار بين المؤمن لهم غائب، بعض بنود اللائحة التنفيذية مخالف لما جاء في النظام من وجوب مراعاة الأحكام الفقهية الواردة في الفتاوى وقرارات المجامع الفقهية فيما يتعلق بالقسط «التبرع» وتوزيع الفائض واستثمار أموال الأقساط .
كما شملت الإشكاليات العملية المتعلقة بالأنظمة واللوائح التنفيذية والوثائق الاسترشادية، أنه يوجد تعارض بين بنود اللائحة في استخدام مصطلحات التأمين التعاوني، ففي موضع يتم استخدام مصطلح الفائض للتعبير عن زيادة قيمة الأقساط عن التعويضات المدفوعة، وفي موضع آخر يتم استخدام مصطلح الخسارة للتعبير عن العجز أي زيادة التعويضات عن قيمة الأقساط ، الأمر الآخر أنه تم استخدام اللوائح التنفيذية والوثائق الاسترشادية الصادرة عن الجهات الرسمية المبادئ الفنية للتأمين التجاري دون إدخال التعديلات اللازمة عليها,
      
حتى تتلاءم مع مبادئ الشريعة الإسلامية في العدالة والرحمة والتكافل, ولتكون محققة لمضمون
مقاصد الشريعة في حفظ الضروريات الخمس، مستدلا بذلك: على وضع بعض الاستثناءات
وحدود للتغطية العلاجية في وثيقة الضمان الصحي, وهذه الاستثناءات وحدود التغطية قد تكون
مقبولة في الأنواع الأخرى من التأمين أو في جراحات التجميل الحديثة أو العدسات اللاصقة, لأن
النظارة تغني عنها، أما العلاج الطبي المتعلق بمرض فلا يصح أن تكون له حدود, لأنه من
الضروريات المتعلقة بحفظ النفس من الهلاك.

Created By M2000 Studio

Valid XHTML 1.0 Transitional